علي بن أبي طالب الشهير بإلإمام علي (ع) وأمير المؤمنين، (13 رجب سنة 23 قبل الهجرة ـــ 21 رمضان سنة 40 للهجرة)، الإمام الأول عند مذاهب الشيعة. صحابي، وراوي، وكاتب للوحي، ورابع الخلفاء الراشدين عند أهل السنة. ابن عم النبي الأكرم (ص) وصهره. زوج السيدة فاطمة (ع)، وأب إمامين من أئمة الشيعة وجد تسعة آخرين. والده أبو طالب، وأمه فاطمة بنت أسد. ذكر مؤرخو الشيعة ومعظم علماء السنة أنه ولد في الكعبة، وهو أول رجل آمن بالنبي (ص)، وترى الشيعة أن الإمام على (ع) وبأمر من الله ونص من النبي (ص) هو الخليفة بلا فصل ومباشر بعد الرسول الأعظم (ص).
وعُدّ للإمام علي (ع) فضائل كثيرة، ففي يوم الدار عيّنه النبي (ص) وصيه وخليفته، وعندما تآمرت قريش لقتل النبي (ص) بات الإمام على فراشه حتى لا يتمكن الأعداء من قتل النبي (ص)، وبالتالي هاجر النبي (ص) إلى المدينة خفية، وآخى النبي (ص) بينه وبين نفسه، وتتحدث مصادر الشيعة، وبعض مصادر أهل السنة أن حوالي 300 آية من القرآن الكريم نزلت في فضائله، ومنها: آية المباهلة، وآية التطهير، كما تدل بعضها على عصمته أيضاً.
شارك علي (ع) في جميع غزوات الرسول (ص)، ما عدا غزوة تبوك حيث استخلفه النبي (ص) على المدينة. فمن مواقفه أنه قتل في غزوة بدر عددا كبيرا من المشركين، وفي غزوة أحد دافع عن النبي (ع) من أن يصل إليه سوءا، وفي غزوة خندق قتل عمرو بن عبد ود وانتهت المعركة بمقتله، وفي غزوة خيبر قلع باب الحصن، وحسمت المعركة.
وبعد أن أنهى النبي (ص) حجه الوحيد، وبناء على آية التبليغ أمر الناس أن يجتمعوا في منطقة غدير خم، ثم ألقى خطبة الغدير، ورفع يد الإمام علي (ع)، وقال: «من كنت مولاه، فهذا علي مولاه. اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»، وهنأ بعض الصحابة كـعمر بن الخطاب الإمام علي (ع) بإمرة المؤمنين (ع) بعد هذه الخطبة، ولقبوه بـأمير المؤمنين (ع)، ويرى مفسرو الشيعة وبعض أهل السنة أن آية الإكمال نزلت في هذا اليوم، ويستدل الشيعة معنى الخلافة بعد النبي (ع) من عبارة "من كنت مولاه فعلي مولاه" والتي نطق به النبي (ص) يوم الغدير، وبناء عليه، ترى الشيعة أن هويتها وما يميزها عن سائر الفرق هو اعتقادها بانتصاب الإمام علي (ع) من قبل الله خليفة للنبي (ص)، في قبال رأي أهل السنة الذي يقول أن الخليفة النبي (ص) يأتي من خلال اختيار الناس.
وبايع جماعة من الناس بعد وفاة النبي (ص) مع أبا بكر في سقيفة بني ساعدة، فنزاعات القبلية، والأحقاد والحسد تعد من الأسباب التي حالت من وصول الإمام علي (ع) إلى الحكم بعد النبي (ع) واستخلافه، فلم يبايع الإمام علي (ع) أبا بكر، كما أن هناك خلاف بشأن أصل هذه البيعة وزمنه بين المؤرخين، فأرودت الأخبار أن الإمام علي (ع) وفي مناظرة صريحة مع أبي بكر ندد بإغماض أبي بكر حق أهل بيت النبي في أمر الخلافة وتخلفه عنهم في السقيفة، وبناء على ما أوردته المصادر الشيعية ومصادر أهل السنة أن أتباع الخليفة هجموا على بيت الإمام علي (ع) لأخذ البيعة الأمر الذي أدى إلى إصابة السيدة فاطمة (ع) وإسقاط جنينها ومن ثم استشهادها، فالإمام علي (ع) احتج في مواقف كثيرة وفي مناسبات عديدة على قضية السقيفة، وكان يذكرهم بأن الخلافة كان حقه بعد النبي (ص)، ومن أشهرها ما ورد في الخطبة الشقشقية.
وكان الإمام علي (ع) في فترة خلافة الخلفاء الثلاثة عادتا بعيدا عن شؤون السياسة والحكومة، ومنشغلا بتقديم الخدمات العلمية والاجتماعية، منها جمع القرآن الكريم والذي اشتهر بمصحف الإمام علي (ع)، وتقديم النصيحة للخلفاء في مختلف الشؤون كـالقضاء والإنقاق إلى الفقراء، وشراء ألف عبد وتحريرهم، والزراعة والتشجير، وحفر القنوات، وبناء المساجد، ووقف الأماكن والممتلكات والتي بلغت مواردها ربما إلى أربعة آلاف دينار.
قبل الإمام علي (ع) بـالخلافة والحكم بعد الخليفة الثالث، وذلك بإصرار الناس، وكان يولي اهتماما بالغا للعدالة في زمن خلافته، ووقف أمام تقسيم بيت المال والتي كان بناء على سابقة الأشخاص كما فعلوه الخلفاء من قبله، فأمر بتوزيع بيت المال بين العرب والعجم وبين جميع المسلمين من أي قبيلة كانوا على السواء، كما أمر بإرجاع جميع الأراضي إلى بيت المال، والتي منحها عثمان إلى مختلف الشخصيات في عهده.
وكان الإمام علي (ع) جادا وغير متسامح في تنفيذ الشريعة الإسلامية، والتطبيق الصارم للقانون، والأسلوب الصحيح لإدارة الدولة، الأمر الذي جعل البعض أن لا يطيقوه، وكان شديدا في منهجه هذا حتى مع أقرب أصحابه، وكان يعتقد الإمام علي (ع) أن حق الحاكم على الناس وحق الناس على الحاكم هو أكبر حق وضعه الله تعالى وذو اتجاهين تماما، ومراعاة الحقوق المتبادلة بين الحاكم والناس لها ثمرات كثيرة، وعندما عيّن مالك الأشتر لولاية مصر أمره بحسن الخلق إلى الناس سواء المسلم وغير المسلم والتعامل بالإنسانية مع الجميع، ونشبت ثلاث حروب في فترة حكمه القصيرة وهي معركة الجمل، وصفين والنهروان.
وكان ختام عمر الإمام علي (ع) أنه استشهد في محراب مسجد الكوفة وهو يصلي، على يد أحد الخوارج باسم ابن ملجم المرادي، ودفن في النجف خفية، وحرمه من الأماكن المقدسة لدى الشيعة، كما يعتنى بزيارته أيضا، ودفنت شخصيات بارزة إلى جواره في الحرم، وذكرتهم الكتب تحت عنوان المدفونين في حرم الإمام علي (ع).
ويعود تأسيس معظم العلوم لدى المسلمين كـالنحو والكلام، والفقه والتفسير إلى الإمام علي (ع)، ويعتقد مختلف فرق التصوف أنهم يصلون إلى الإمام علي (ع)، ولعلي بن أبي طالب كان وما زال مكانة سامية وشأن رفيع بين الشيعة، وهو أفضل، وأتقى، وأعلم شخصية بعد النبي (ص)، وخليفته حقا، فهناك من الصحابة من تبع الإمام علي (ص) منذ حياة النبي (ص) وعرفوا بشيعته، وكتاب نهج البلاغة مختارات من كلامه وخطبه، وهناك مكتوبات نسبت إليه وهي بخطه ومما أملى عليه الرسول (ص)، كما ألّفت حول شخصيته كتب عديدة وبمختلف اللغات.